في قلب جبل لبنان، بين سفوحه التي تتنفس التاريخ وأوديته التي تحمل رائحة الأرض، تنهض بلدة كيفون من جديد، لا بقرارات رسمية فقط، بل بعزيمة أهلها وبمبادرات من يعرفون قيمة الشجر والحجر، وعلى رأسهم جمعية حماية الطبيعة في لبنان.
شوارع تتجمّل… وحديقة تُحاكي السماء
لم تكن حملات التنظيف والتأهيل في كيفون مجرّد مشهد عابر، بل تحوّلت إلى مشهد يومي مألوف، حيث يجتمع فريق الجمعية إلى جانب المجلس البلدي، يزرعون، ينظفون، يُزيّنون الشوارع الرئيسية، ويعيدون للحياة في البلدة ملامحها الطبيعية التي كادت تغيب خلف الإسمنت والغبار.
وفي زاوية مميزة من البلدة، تُطلّ الحديقة القرآنية ومركز حمى جبل لبنان، حيث لا تُزرع الأشجار فحسب، بل تُزرع الثقافة البيئية وروح الانتماء. فالمكان تحوّل إلى مساحة تعليمية وسياحية في آن، حيث يتعرّف الزوار والسكان على قيمة التنوع البيولوجي، وعلى جمال الطبيعة التي لطالما كانت جزءاً من هوية المنطقة.
المشتل… قلب أخضر لا يهدأ
وفي خلفية المشهد، يعمل المشتل الزراعي التابع للجمعية بهدوء، كقلب أخضر نابض لا يعرف التوقّف. هناك، تُزرع الشتول، وتُراقب مراحل نموّها بعناية، لتجد لاحقاً طريقها إلى الشوارع، الحدائق، والساحات العامة في كيفون.
كل شجرة تُغرس اليوم ليست مجرّد نبتة… بل وعد بمستقبل أنظف، وأخضر، وأكثر احتراماً للطبيعة.
شراكة تعيد بناء العلاقة مع الأرض
ما يجري في كيفون ليس مشروعاً ظرفياً ينتهي بانتهاء موسم الزراعة. هو بداية لشراكة طويلة الأمد بين الناس، الأرض، والمؤسسات البيئية. جمعية حماية الطبيعة والمجلس البلدي يدركان أن الحفاظ على التنوع البيولوجي وتحسين المشهد الطبيعي لا يتم إلا بمشاركة السكان أنفسهم، وهو ما يجعل من هذا المشروع نموذجاً يُحتذى في مناطق لبنانية أخرى.
الأمل ينمو مثل الشتول
قد يبدو مشهد الأيادي التي تغرس شجرة أو تنظف رصيفاً بسيطاً، لكنه في واقع الحال تعبير صادق عن إيمان عميق بأن الأرض تستحق فرصة جديدة، وأن كيفون تستحق أن تزدهر من جديد… شجرة بعد شجرة، وشتلة بعد شتلة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.