غياب انفاذ القانون يشجع على الصيد الجائر في البقاع: قصة الحدأة سوداء الجناحين

في ربيع عام 2023 اللطيف، وفي قلب سهل البقاع اللبناني، أقام زوج من الحدأة سوداء الجناحين (Elanus caeruleus) موقعاً للتعشيش في منطقة عنجر. شكل وجودهما لحظة مهمة لمراقبي الطيور المحليين والناشطين في مجال الحفاظ على البيئة. هذا الطائر الجارح الصغير والأنيق، الذي يتميز بريشه الرمادي اللؤلؤي وبقع سوداء على الكتفين وعينين حمراوين عميقتين، ليس من الأنواع التي تتكاثر عادةً في المنطقة. ومع ذلك، ها هما هنا—مزدهران.

وُثق هذا النوع ضمن قائمة AERC TAC (2003) كجزء من الطيور الغربية للمنطقة القطبية القديمة (Western Palearctic)، وتوسع نطاق الحدأة سوداء الجناحين يتجه بشكل عام نحو الشمال قادماً من أفريقيا وشبه القارة الهندية. ووفقاً لما ذكره كيمب وآخرون (2015)، و”دليل طيور أوروبا، الشرق الأوسط وأفريقيا” الذي حرره كرامب وسيمونز (1977–1994)، فقد تكيف هذا النوع بشكل ملحوظ مع البيئات شبه القاحلة والغابات المفتوحة. ويشتهر بطيرانه المتأرجح الرشيق وانقضاضه المفاجئ على الثدييات الصغيرة، وهي صفات أثارت إعجاب المراقبين المحليين.

بعد أن فقسوا خمسة فراخ بصحة جيدة في الربيع، عاد الزوج في الخريف للتكاثر مرة أخرى—سلوك نادر سجلته فرق المراقبة من جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL). وقد وثقت دورة حياة هذه الطيور كاملة، من التزاوج حتى الترييش، من خلال عدسة شادي سعد، مدير مرصد مراقبة الطيور المهاجرة في حمى حمانا. عرضت صوره، الملتقطة في عنجر والمنصورة (البقاع الغربي والوسط)، قصة عن الصمود والأهمية البيئية.

لكن القصة اتخذت منعطفاً مأساوياً

في أواخر الخريف، عُثر على الزوجين البالغين وفراخهما مقتولين—ضحايا الصيد الجائر. وكان الجناة اثنين من القاصرين، ما يسلط الضوء على فشل تنفيذ القانون والتجاهل الواسع للتنوع البيولوجي الهش في لبنان. وعلى الرغم من وضوح القوانين اللبنانية الخاصة بالصيد والعقوبات، فإن الصيد الجائر لا يزال منتشراً. وتُصنف القائمة الحمراء الأوروبية للطيور (BirdLife International, 2015) مثل هذه التهديدات بأنها حرجة بالنسبة لحماية الطيور في المنطقة.

عالمياً، تصنف الحدأة سوداء الجناحين على أنها “أقل قلقاً” وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN, 2019). ومع ذلك، فإن أحداث الانقراض المحلي الناجمة عن فقدان المواطن الطبيعية، والصيد غير المنظم، ولا مبالاة العامة، تهدد بشكل متزايد التجمعات الإقليمية. كما أبرز إقبال (2016) في دراسة حول تجارة الطيور في جنوب شرق آسيا، حتى الأنواع الشائعة من الطيور الجارحة قد تواجه تراجعاً سريعاً إذا استمرت الأنشطة غير القانونية دون رقابة.

الشرق الأوسط، ولا سيما لبنان، يقع على أحد أهم مسارات هجرة الطيور في العالم. ووفقاً لرمضان جرادي (2015)، فإن هجرة الطيور الجارحة عبر لبنان والمناطق المجاورة كانت موضوع دراسة مكثفة لعقود، ما يؤكد الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الطيور في النظم البيئية الإقليمية. وفقدانها ليس ضربة للتنوع البيولوجي المحلي فحسب، بل يُضعف أيضاً الأهمية العالمية للبحر الأبيض المتوسط الشرقي كملاذ للحياة البرية المهاجرة.

هذه المأساة ليست مجرد قصة طائرين—بل هي ناقوس خطر. إن تنفيذ قوانين حماية الحياة البرية القائمة، وتثقيف المجتمعات، والاستثمار في المحميات الطبيعية مثل تلك التي تديرها SPNL، كلها أمور ضرورية. وبدونها، قد تصبح سماء لبنان صامتة، خالية من الانزلاق الأنيق للحدأة سوداء الجناحين والعديد من الطيور الأخرى.

قصتهما تستحق ليس فقط التذكر، بل التحرك أيضاً.

كيف يمكنك المساعدة

من خلال التبرع لموقع عدّ ومراقبة الطيور الجارحة في حمى حمانا، تصبح جزءاً أساسياً في الحفاظ على التنوع البيولوجي الغني في لبنان وضمان بقاء هذه الطيور الرائعة لأجيال قادمة.

تبرع الآن لدعم جهود حماية الطيور الجارحة

كرمك يمكّننا من مواصلة مهمتنا في حماية الطبيعة، والحفاظ على الحياة البرية، وإلهام الناس للمشاركة في جهود الحفاظ على البيئة.

مجلة الحمى العدد الرابع

يُنشر هذا العدد من "الحِمى" في ظلّ النزاع والنزوح – وهي واقع مؤلم يعرفه لبنان جيدًا. ومع ذلك، يواصل الشعب اللبناني وجمعية حماية الطبيعة في لبنان التمسك بالصمود، ودعم العائلات النازحة، والمضي قدمًا في تحقيق الأهداف البيئية والتنموية.

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

انضم طلاب جامعة الأنطونية إلى وحدة السمك والحياة البرية...

في إطار جهوده المستمرة لتعزيز الوعي البيئي وتحفيز مشاركة الشباب، نظّمت وحدة السمك والحياة البرية (FWU) جولة...

اختصاصية التغذية مونيك بسيلا زعرور تستكشف مواقع الحمى مع...

في إطار جولتها الهادفة إلى تعزيز الوعي البيئي والغذائي، قامت اختصاصية التغذية السيدة مونيك بسيلا زعرور بزيارة...

حملة تنظيف في حمى بيصور: خطوة رائدة نحو بيئة...

في مبادرة لافتة تعكس الوعي البيئي المتنامي لدى أبناء البلدة، نظّمت مجموعة Baissour Hunters & Friends Group...