في قلب سهل البقاع الخصيب، كان نهر الليطاني وبحيرة القرعون على مدى عقود شريان حياةٍ للناس والزراعة والتنوّع البيولوجي. لكن سنوات من التلوث وسوء الإدارة هددت هذا المورد الحيوي. اليوم، ومن خلال مشروع «نحو إحياء نهر الليطاني الأعلى وبحيرة القرعون» المموَّل من DIMFE، يبدأ فصل جديد عنوانه الشراكة، والعلم، والمجتمع.
جولة ميدانية لبناء الثقة
انطلقت بعثة ميدانية شاملة لتعزيز التواصل مع الجهات التي تتحكم بمصير النهر وحوضه.
المحطة الأولى كانت في بلدية كفريا، حيث عرض الفريق أهداف المشروع وحظي بتعاون البلدية والتزامها بالمضي في هذا المسار. فدعم البلديات ليس مجرد إجراء إداري، بل هو حجر الأساس لأي إنجاز بيئي طويل الأمد.
ومن كفريا، توجه الفريق إلى سغبين حيث زار ثلاثة معامل ألبان تمثّل في آنٍ واحد قوة اقتصادية ومسؤولية بيئية. النقاشات مع الإدارات ركزت على ممارسات معالجة المياه العادمة وضرورة اعتماد تقنيات أكثر صداقة للبيئة، في إطار شراكة تهدف إلى جعل القطاع الصناعي جزءًا من الحل لا المشكلة.
ثم تابع الفريق جولته إلى محطة معالجة مياه الصرف الصحي في القرعون، وهي منشأة أساسية تعكس في الوقت نفسه حجم التحديات والإمكانات في إدارة المياه. الحوار مع العاملين تناول الفجوات التقنية والاحتياجات العاجلة، مع التأكيد على الدور المركزي للمحطة في إعادة التوازن البيئي إلى البحيرة.
تكريم الالتزام المحلي
واختُتم اليوم في بلدية لالا، حيث سلّم الفريق شهادة الحِمى رسميًا. هذا التقليد العريق الذي أعادت جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) إحياؤه، يمنح المجتمعات دورًا مباشرًا في إدارة أراضيها ومواردها الطبيعية بشكل مستدام. بانضمام لالا إلى شبكة الحِمى المتنامية، تكون قد التزمت بحماية بيئتها، واعتماد زراعة مستدامة، وضمان موارد طبيعية متجددة للأجيال المقبلة.
نحو تحالف من أجل النهر
هذه الجولة لم تكن مجرد زيارات تقنية، بل كانت لبناء الثقة والمساءلة والملكية الجماعية. فالمجالس البلدية، وأصحاب المصانع، والعاملون في محطات المعالجة، والسكان المحليون جميعهم شركاء في مستقبل الليطاني.
الفريق شدّد على أن حماية البيئة لا تنفصل عن رفاه الإنسان:
-
نهر نظيف يعني زراعة صحية وغذاء آمن.
-
صناعة مسؤولة تعني اقتصادًا أقوى وفرص عمل مستدامة.
-
بلديات نشطة تعني مجتمعات فخورة بتراثها الطبيعي.
رؤية للمستقبل
إن مشروع إحياء نهر الليطاني الأعلى وبحيرة القرعون ليس مجرد مبادرة بيئية، بل هو نموذج لكيفية التوازن بين التنمية والحفاظ على الطبيعة. فبمزج مقاربة الحِمى التقليدية مع أساليب حديثة في إدارة المياه والتشبيك مع الشركاء، يثبت المشروع أن الحلول ممكنة حتى في أكثر الظروف تعقيدًا.
ومع غروب الشمس فوق سهل البقاع، غادر الفريق وفي داخله قناعة متجددة: أن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص، وأن الليطاني والقرعون قادران على أن يصبحا شاهدين حيّين على قوة العمل الجماعي والإرادة الصادقة.
هذه المبادرة جزء من رسالة جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) لحماية التنوع البيولوجي وتمكين المجتمعات، بدعم من DIMFE.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.