على مدار ثلاثة أيام، نفذت دوريات من فريق العمليات المشتركة في وحدة مكافحة الصيد الجائر مهام مراقبة وتوثيق وتدخل مكثفة في عدة مناطق من شمال لبنان. وقد جرت هذه العمليات خلال ذروة موسم الهجرة، وهي الفترة التي تحاول فيها عشرات الآلاف من الطيور الجارحة عبور الأجواء اللبنانية في طريقها إلى أماكن التكاثر في أفريقيا. ولسوء الحظ، تحوّلت هذه الظاهرة الطبيعية إلى مجزرة، حيث يستهدف الصيادون الجائرون الطيور أثناء طيرانها المنخفض فوق التلال والمرتفعات لالتقاط التيارات الهوائية الدافئة. ويُعتبر لحم صدر هذه الطيور الجارحة طعاماً موسمياً فاخراً لدى البعض، مما غذّى ممارسة غير قانونية ومدمرة خرجت تماماً عن السيطرة.
View this post on Instagram
بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي والسلطات المحلية، تمكنت الدوريات من توثيق انتهاكات واسعة النطاق. ففي أحد أكثر مواقع الصيد شهرة بالقرب من عكار، اكتشف الفريق أدلة صادمة على المجزرة: أكوام من الريش والأجنحة والرؤوس والأقدام لأكثر من 50 طائراً جارحاً، من بينها الباز الجوال، والنسر المرقط الصغير، والباشق الشامي، والشاهين الصغير، والعوسق. وقد وُجدت البقايا متناثرة حول ما يُعرف بـ “موقع النتف”، حيث لم يكتفِ الصيادون الجائرون بقتل الطيور، بل قاموا بتقطيعها وشويها وأكلها في الحال.
View this post on Instagram
كان حجم الدمار هائلاً للغاية — إذ أفادت الفرق بأنها كانت تخوض وسط الريش حتى الركبتين أثناء توثيق الموقع. وبفضل الأدلة المصورة والتوثيق الميداني، تم تحديد هوية أحد الصيادين الجائرين على الأقل، وأُبلغت عنه الشرطة التي تحركت مع القوى الأمنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وتؤكد هذه النتائج الأهمية البالغة لعمل وحدة مكافحة الصيد الجائر، التي تجمع بين يقظة المجتمع، والتدخل الميداني، والرصد العلمي. كما تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتشديد تطبيق قوانين الصيد، وزيادة الوعي العام، وتعزيز التعاون الإقليمي لوقف القتل الجماعي للطيور المهاجرة والحفاظ على دور لبنان كمحطة حيوية على أحد أهم مسارات الهجرة في العالم.
ستواصل الفرق الميدانية مراقبة عدة مواقع عن كثب، حيث يُتوقع نشاط في عمليات الصيد في الأيام والأسابيع المقبلة. وتتزامن هذه الحملة الأخيرة في منطقة أنفه مع موسم الهجرة الخريفي وإطلاق المخيم السنوي لحماية الطيور في لبنان.
وتنضم فرق دولية من “اللجنة ضد ذبح الطيور” (CABS) — بما في ذلك خبراء من المملكة المتحدة وألمانيا وتركيا — إلى “جمعية حماية الطبيعة في لبنان” (SPNL) و”مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام” (MESHC). ويعملون جميعاً، بالتنسيق الوثيق مع قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، على مراقبة الممرات الحيوية لهجرة الطيور، والتحقيق في النقاط الساخنة للصيد الجائر، وتعطيل الممارسات غير القانونية مثل استخدام الشباك وأعواد الصمغ في الممرات الجبلية، والمناطق الساحلية، وسهل البقاع.
حول وحدة مكافحة الصيد الجائر (APU)
تُدار وحدة APU بشكل مشترك بين MESHC وSPNL، بدعم من مؤسسة Hans Wilsdorf، وبالتعاون مع BirdLife International، وبالشراكة مع CABS. وتُنفذ جميع العمليات بالتنسيق الكامل مع السلطات اللبنانية، بما في ذلك قوى الأمن الداخلي، وفرع المعلومات والتحقيقات، والاستخبارات العسكرية.
جزء من مشروع BioConnect
تُساهم أنشطة وحدة APU أيضاً في مشروع BioConnect — وهو مبادرة تمتد على مدى 45 شهراً وتنتهي في أكتوبر 2025. ويهدف المشروع إلى:
-
تحسين إدارة وحوكمة المواقع ذات الأهمية البيئية
-
إنشاء مناطق محمية جديدة وتدابير فعالة أخرى قائمة على المساحة (OECMs)
-
تعزيز الحفاظ على الطبيعة عبر المناظر الطبيعية واستعادة صحة النظم البيئية
-
تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية ودعم المجتمعات المحلية من خلال معالجة الأسباب الجذرية لفقدان التنوع البيولوجي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.