في خطوة تُعدّ من أبرز محطات التعاون العالمي في مجال حماية التنوع البيولوجي، أعلن البنك الدولي ومنظمة بيردلايف إنترناشونال عن إطلاق مبادرة الممرّ الإفريقي–الأوراسي للطيور المهاجرة (AEFI)، وهي مبادرة غير مسبوقة تهدف إلى حماية أحد أعظم معجزات الطبيعة: رحلة هجرة مليارات الطيور التي تربط بين إفريقيا وأوروبا وآسيا.
وقد وصف مدير عام جمعية حماية الطبيعة في لبنان أسعد سرحال هذا الإعلان بأنه “مبادرة تاريخية من أجل مخلوقاتنا المهيبة، ومن أجل صحة كوكب الأرض وكل أشكال الحياة عليه”، مشيراً إلى أنّ هذه الخطوة تمثّل بارقة أمل جديدة لعالم يتوحّد حول الطيور كرمز للحياة المشتركة والارتباط العابر للحدود.
سرحال قال: “الطيور توحّدنا جميعاً، عبر الأسوار والحدود والتحدّيات والعقبات. فهي القوة التي تقف خلف معجزة الهجرة عبر القارات، وتذكّرنا بأنّنا جميعاً أبناء سماء واحدة ومسؤولية واحدة.”
تحالف عالمي من أجل الممرّات الحيوية للطيور
تمّ توقيع مذكرة التفاهم في مقرّ البنك الدولي في واشنطن، بهدف توسيع نطاق حماية الممرّ الإفريقي–الأوراسي (AEF)، الذي يمتدّ من القطب الشمالي وصولاً إلى أقصى جنوب إفريقيا. هذا الممرّ الحيوي تستخدمه أكثر من ملياري طائر مهاجر تمثّل أكثر من 500 نوع، وتعتمد عليه مجتمعات بشرية عديدة كمصدر للحياة والرزق.
وتؤكد المبادرة أنّ حماية مواقع التوقّف والتغذية والتكاثر على طول هذا الممرّ تساهم في استدامة النظم البيئية وتعزيز سُبل العيش المحلية.
وقال يورغن فوغيل، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الكوكب:
“الطيور المهاجرة تقدّم خدمات بيئية أساسية وتملك قيمة اقتصادية وثقافية كبيرة. حمايتها واستدامة موائلها تفتح فرصاً اقتصادية هائلة — إذ من المتوقّع أن تبلغ صناعة مراقبة الطيور نحو 95 مليار دولار بحلول عام 2030.”
وأضاف مارتن هاربر، المدير التنفيذي لمنظمة بيردلايف إنترناشونال:
“نستخدم الطيور كبوصلة توجّه عملنا في حماية الطبيعة عبر الحدود. إنّ معاناة الطيور المهاجرة هي معاناة الكوكب بأسره.”
لبنان على طريق الهجرة: جسر بين القارات
يُعدّ لبنان محطة رئيسية على هذا الممرّ العالمي، حيث تُشكّل أراضيه ومواقعه الطبيعية نقاط استراحة وتغذية وتكاثر أساسية لملايين الطيور المهاجرة سنوياً. ومن خلال شبكة مناطق الأهمية للطيور والتنوّع البيولوجي (IBBAs) ونموذج الحمى المجتمعي، رسّخت جمعية حماية الطبيعة في لبنان ريادتها في الدمج بين حماية البيئة والتنمية المحلية.
وأشاد سرحال بجهود وزارة البيئة ووزارة الزراعة وقوى الأمن الداخلي، مؤكداً أنّ تعاونهم المثمر في مكافحة الصيد الجائر وتأمين ممرّ آمن للطيور فوق الأراضي اللبنانية يمثّل نموذجاً يُحتذى به في المنطقة.
سرحال قال: “إنها اتفاقية ستبقى في الذاكرة لأجيال قادمة. نحيّي كل من ساهم في حمايتنا للحمى، من حُماة الحمى إلى شركائنا الوطنيين، فهي خطوة تؤكد دور لبنان كجسرٍ للحياة بين القارات.”
من المحلي إلى العالمي: قوّة الشراكة
من المتوقع أن تعبّئ هذه المبادرة مليارات الدولارات خلال العقد القادم لدعم مشاريع ترميم وإدارة الموائل الطبيعية للطيور المهاجرة. وهي تبني على شبكة بيردلايف الممتدة منذ أكثر من قرن، والتي تضمّ 123 شريكاً في 119 دولة، وتربط بين أكثر من 12,000 موقع هام للطيور حول العالم.
وبالنسبة للبنان، تُعيد هذه المبادرة التأكيد على المبادئ التي لطالما دافعت عنها SPNL:
الحماية المجتمعية للطبيعة، والتعايش المتوازن مع البيئة، والمسؤولية المشتركة عن الممرّات البيئية للطيور.
سماء واحدة… ومصير مشترك
من مستنقعات عمّيق وأنهار عنجر إلى غابات كيفون وقرنايل، تحمل الطبيعة اللبنانية رسالة المبادرة الجديدة: أنّ نجاة الطيور المهاجرة هي مرآة لنجاة كوكبنا بأسره.
كما ختم سرحال بالقول: “الطيور توحّدنا — فعبر اختلافاتنا، تذكّرنا دائماً بأنّ الطبيعة لا تعرف الحدود.”
#الطيور_توحّدنا #حماة_الحمى #SPNL #بيردلايف_إنترناشونال #البنك_الدولي #الممر_الإفريقي_الأوراسي #لبنان #حماية_الطيور #التنوع_البيولوجي