من طائر مهدد إلى رمز حيّ: الحسون يحلّق حرًّا في حمانا

في المناظر الطبيعية الهادئة لـ”حِمى حمانا”، هذا الملاذ الآمن لطيور لبنان الثمينة، وجد الحسون الذهبي—الطائر الذي كان عدد أفراده يتناقص سابقًا—موئلًا متجددًا. هذا الانتعاش لم يكن مجرد ضربة حظ، بل ثمرة جهود حماية مكرسة وعيون ساهرة من “حماة الحِمى” مثل شادي سعد.

بصفته مدير موقع رصد الجوارح في حمى حمانا وناشطًا مخلصًا في “حماة الحِمى”، كان لشادي دورٌ محوري في توثيق تنوع الطيور التي تزين هذه المنطقة. وقد كشفت جهوده التصويرية الأخيرة عن وجود الحسون الأوروبي (Carduelis carduelis)، وهو طائر يُحتفى به لريشه الزاهي وأغنيته العذبة. وفي تأمله لتبدل الفصول، أشار شادي إلى التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ، لافتًا إلى ندرة التقاط صور مثل “الطيور في الثلج”. ومع ذلك، فإن ظهور الحسون يظل دليلاً على صمود الطبيعة.

الحسون، بوجهه الأحمر اللافت وأجنحته السوداء والصفراء، واجه تهديدات جراء فقدان المواطن الطبيعية والصيد غير المشروع. ومع ذلك، فإن إنشاء حمى حمانا عام 1995، وشراكتها الإدارية مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) منذ عام 2018، قد وفرا ملاذًا آمنًا يمكن لهذه الأنواع أن تزدهر فيه. وقد عززت تطبيق حظر الصيد وإزالة معدات الصيد من أمان هذه الطيور.

تتعدى ملاحظات شادي الحسون، إذ وثّق أنواعًا متعددة تتكيف مع مشهد الشتاء، منها الغراب المقنع، والحسّون الأوروبي المرقّط، وعصفور الدوري. تسهم هذه المشاهدات في تعميق فهمنا لسلوكيات الطيور، وتؤكد في الوقت ذاته على أهمية الحفاظ على المواطن التي تدعم هذا التنوع البيولوجي.

ومن خلال عدسة كاميرته، لا يلتقط شادي صورًا فحسب، بل يختزل قصصًا عن البقاء والتكيف والتوازن الدقيق في النظم البيئية. وتُعد أعماله تذكيرًا مؤثرًا بتشابك حياة جميع الكائنات والدور الذي نلعبه نحن البشر، إما في إفساد هذا التوازن أو الحفاظ عليه.

لمن يسيرون في قلب حمى حمانا، باتت رؤية وسماع الحسون رمزًا للأمل وجمال الطبيعة الخالد، المحفوظ بفضل جهود الحفاظ الثابتة من الناشطين والمجتمع على حد سواء.

مجلة الحمى العدد الخامس

في هذا العدد من مجلة الحمى، ننسج معًا قصصًا ملهمة عن حماية الطبيعة وصمود المجتمعات، مسلطين الضوء على كيف يُعاد ترميم لبنان... حمى تلو الأخرى. تواصل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) مهمتها في الحفاظ على التراث الطبيعي للبلاد من خلال تمكين المجتمعات المحلية. ومن الركائز الأساسية لهذا الجهد مشروع BioConnect المموّل من الاتحاد الأوروبي، والذي حقق ثلاث سوابق وطنية: أول منتزه طبيعي في لبنان (المتن الأعلى)، وأول منتزه جيولوجي (الشوف – جزين)، وأول حمى وقفية (بتخنيه).

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

جمعية حماية الطبيعة في لبنان تشيد بمجلة ناشيونال جيوغرافيك...

تُثني جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) على الدور الريادي الذي تلعبه مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية في...

الطبيعة تنادينا… والحمى تجيب: لبنان يحتفي بالتنوع البيولوجي ويحمي...

بمناسبة اليوم العالمي للنحل واليوم الدولي للتنوع البيولوجي، تؤكد جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) على التزامها...

“غرين هيلز” وSPNL تنظّمان رحلة بيئية تعليمية إلى حمى...

في إطار التزامها المستمر بتعزيز التعليم القائم على الطبيعة والحفاظ المجتمعي، نظّمت جمعية حماية الطبيعة في لبنان...