كيف يتوافق الحِمى مع معايير IUCN والهدف 30×30؟

أسعد سرحال، المدير العام لجمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، مؤسس ورئيس مجلس إدارة حماة الحِمى الدولية (HHI)، ورئيس شراكة بيردلايف للشرق الأوسط.

 (مجلة الحمى العدد السادس)

بلّغوها‭ ‬إذا‭ ‬أتيتم‭ ‬حماها

أنني‭ ‬متُّ‭ ‬في‭ ‬الغرام‭ ‬فداها

واذكروني‭ ‬لها‭ ‬بكل‭ ‬جميل

فعساها‭ ‬تبكي‭ ‬علي‭ ‬عساها

بشارة الخوري‭ ‬المعروف‭ ‬بالأخطل‭ ‬الصغير‭ (‬1885‭ ‬1968-‭) ‬

شاعر‭ ‬لبناني‭  ‬لقِّب‭ ‬أيضاً‭ ‬بـشاعر‭ ‬الحب‭ ‬والهوى‭ ‬وشاعر‭ ‬الصِّبا‭ ‬والجمال

في كانون الأول (ديسمبر) 2022، اعتمدت أكثر من 190 دولة إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي (المعروف أيضاً باسم خطة التنوع البيولوجي)، وهو التزام دولي بحماية كوكبنا بشكل أفضل، ما يضمن استمرارنا جميعاً. ويتضمن الإطار 23 هدفاً لعكس مسار فقدان الموائل والأنواع. ويدعو الهدف 3، المعروف بالهدف 30×30، إلى حماية وإدارة 30 % من المناطق البرية والمائية الداخلية والساحلية والبحرية في العالم بفعالية بحلول سنة 2030.

تلعب المناطق المحمية التي تُحددها الدول دوراً حاسماً، ولكن من المهم جداً الاعتراف بتدابير الحماية الفعالة الأخرى القائمة على المناطق (OECMs)، بما في ذلك النماذج التي تقودها المجتمعات المحلية. أحد هذه النماذج هو نظام الحمى، وهو نهج تقليدي قائم على المجتمع وشائع في غرب آسيا وشمال أفريقيا.

كيف تتوافق تشريعات الحمى مع معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) للمناطق المحمية، بما يضمن الاعتراف الرسمي بها وفق معيار 30×30؟

الحِمى، الذي يعني «المنطقة المحمية»، ممارسة بيئية يقودها المجتمع المحلي منذ قرون وتنظم الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. في السنوات الأخيرة، سعى العديد من حكومات الشرق الأوسط والمنظمات البيئية إلى إضفاء الطابع الرسمي على الحمى ضمن الأطر القانونية الوطنية، مع الاعتراف بقيمته البيئية والاجتماعية والثقافية.

قرار الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة IUCN Resolution WCC 2012 Res 092 يشجع الإدارة المجتمعية للموارد، مشدداً على الاعتراف القانوني وحقوق الحوكمة والإدارة التكيّفية. ويعترف القرار بالحمى كنظام شرعي لحماية البيئة، إلى جانب ممارسات تقليدية مثل أكدال في المغرب وقوروك في منغوليا.

وقد اتخذ لبنان خطوات هامة لدمج الحمى في إطاره القانوني من خلال قانون المناطق المحمية رقم 130 لعام 2019، الذي يُصنف الحمى كواحدة من أربع فئات رئيسية للمناطق المحمية في لبنان. ويُعزز هذا القانون مواءمة الحمى مع معايير المناطق المحمية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بالطرق التالية:

أولاً، التزام طويل الأمد بالحماية: يمنح القانون حماية قانونية للحمى، ما يضمن الحفاظ المستدام على التنوع البيولوجي. كما يُضفي عليه طابعاً رسمياً كمنطقة محمية مُحددة، ما يُعزز مكانته القانونية ويضمن مساهمته في أهداف الحماية. وبخلاف ترتيبات الحمى غير الرسمية، يُرسي القانون آليات واضحة للحوكمة والإدارة، ما يُقلل من مخاطر تغييرات استخدام الأراضي التي تُقوّض جهود الحماية.

ثانياً، حوكمة وإدارة فعّالتان: يُرسي القانون إطاراً مُهيكلاً للحوكمة، يشمل لجاناً إدارية تشرف على أنشطة الحماية في كل حمى. وإذ يسمح بتصنيف الممتلكات العامة والخاصة كمناطق محمية بموجب اتفاقيات تعاقدية، يوفر القانون مرونة أكبر في حوكمة الحماية، ما يضمن مشاركة المجتمعات المحلية في الإدارة.

ثالثاً، الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية: يسمح القانون بالاستخدام المستدام للموارد داخل الحمى، شرط أن يتوافق مع أهداف الحفظ. ويتماشى ذلك مع اعتراف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بأن الاستخدام المستدام، عند تنظيمه جيداً، يساهم في تحقيق أهداف الحفظ. إضافة إلى ذلك، تتطلب أي أنشطة مسموح بها داخل الحمى تقييماً للأثر البيئي (EIA) أو فحصاً بيئياً أولياً (IEE)، ما يعزز النهج العلمي للاستخدام المستدام.

رابعاً، الاعتراف بالحمى في الأطر الوطنية والدولية: من خلال التصنيف القانوني للحمى كفئة من المناطق المحمية، عزز لبنان موقفه للحصول على الاعتراف الدولي بموجب IUCN وإطار 30×30. ويُمكّن القانون الجهات العامة والخاصة، بما في ذلك الهيئات الدولية، من تمويل مبادرات الحفاظ على الحمى، ما يضمن الاستدامة المالية.

ومن أجل تعزيز الاعتراف الرسمي بالحمى كمساهم في الهدف 30×30، يُوصى باتخاذ الإجراءات التالية:

توسيع نطاق الحماية القانونية والوضوح: في حين أن القانون رقم 130 يعترف بالحمى رسمياً، لا بد من لوائح إضافية تحدد أطر حوكمته ومراقبته لتتواءم بشكل أكبر مع معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.

تحسين التوثيق والمراقبة: من شأن وضع أنظمة موحدة لمراقبة الحماية ورصد الإبلاغ أن يعزز الاعتراف بالحمى كمنطقة محمية طبيعية.

زيادة المناصرة الدولية: سيساعد العمل مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة والاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف على ضمان إدراج الحمى في تقارير الحماية العالمية.

ومن شأن تحسينات إضافية في المراقبة والتمويل والاعتراف الدولي ترسيخ الحمى كمساهم رئيسي في تحقيق أهداف التنوع البيولوجي العالمية ضمن إطار والهدف 30×30.

مجلة الحمى العدد الخامس

في هذا العدد من مجلة الحمى، ننسج معًا قصصًا ملهمة عن حماية الطبيعة وصمود المجتمعات، مسلطين الضوء على كيف يُعاد ترميم لبنان... حمى تلو الأخرى. تواصل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) مهمتها في الحفاظ على التراث الطبيعي للبلاد من خلال تمكين المجتمعات المحلية. ومن الركائز الأساسية لهذا الجهد مشروع BioConnect المموّل من الاتحاد الأوروبي، والذي حقق ثلاث سوابق وطنية: أول منتزه طبيعي في لبنان (المتن الأعلى)، وأول منتزه جيولوجي (الشوف – جزين)، وأول حمى وقفية (بتخنيه).

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

العدد السادس من مجلة “الحمى” رزان المبارك: أستمد...

صدر العدد السادس من مجلة "الحمى" عن جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، وموضوعه الرئيسي مؤتمر الاتحاد...

اختتام المنتدى العربي متعدّد أصحاب المصلحة حول تمويل التنوع...

نظّمت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) يومي 17 و18 أيلول/سبتمبر المنتدى العربي متعدّد أصحاب...

فتح باب التقديم لبرنامج الماجستير في القيادة البيئية بجامعة...

أعلنت جامعة كامبريدج رسميًا عن فتح باب التقديم لبرنامجها المرموق الماجستير في القيادة البيئية، وهو برنامج رائد...