حرّاس الغابات والبحر في لبنان: صفحة جديدة في مسيرة حماية البيئة

بعد سنوات من الترقب والمطالبات، خطا لبنان خطوة جريئة وضرورية نحو حماية ثرواته الطبيعية. ففي 22 حزيران 2025، صدر المرسوم رقم 519 الذي قضى بتعيين 106 حرّاس أحراج وصيد وسمك ضمن ملاك وزارة الزراعة، في خطوة وصفها المراقبون بأنها محطة فارقة في مسيرة الحفاظ على الغابات والتنوع البيولوجي والثروة البحرية في لبنان.

لطالما عانت الغابات اللبنانية، بجبالها الشامخة وطبيعتها الساحرة، من تحديات متزايدة أبرزها حرائق الغابات، وقطع الأشجار غير القانوني، والصيد الجائر، فضلًا عن تداعيات التغير المناخي التي باتت تهدد التوازن البيئي بشكل مباشر.

خطوة تعيد الأمل

“هذا المرسوم ليس مجرد إجراء إداري، بل هو إعلان واضح عن التزامنا تجاه الأجيال القادمة”، بهذه الكلمات عبّر وزير الزراعة الدكتور نزار هاني عن أهمية القرار، موجّهًا شكره لرئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية على دعمهم الكامل لإصدار هذا المرسوم الحيوي.

وأكد الوزير أن تعزيز جهاز الحراسة يشكّل ركيزة أساسية في خطة الوزارة لحماية البيئة اللبنانية، مشيرًا إلى أن التعيينات الجديدة تقرّب الوزارة من تحقيق العدد المطلوب وهو 386 حارسًا ومراقبًا، في حين لا يتجاوز العدد الحالي 120 فقط.

أكثر من مجرد أرقام

ومع أهمية الأرقام، إلا أن الوزارة تدرك أن النجاح الحقيقي يكمن في تأهيل الحراس الجدد وتزويدهم بأحدث المعدات. ولهذا، ستُباشر الوزارة بتنفيذ برنامج تدريبي مكثّف يمتد لشهر كامل، يشمل تقنيات الحماية، والإلمام بالأنظمة القانونية والمراسيم المتعلقة بالغابات والثروة البحرية، وآليات تحرير محاضر الضبط.

كما سيتم تزويد الحراس بأحدث المعدات، من بينها طائرات مسيّرة (درونز) للرقابة الجوية، وأجهزة اتصال لاسلكية، وملابس موحّدة، وتجهيزات تقنية حديثة.

تحديات ملحّة

تأتي هذه الخطوة في وقت حرج للغاية، إذ تشهد غابات لبنان تراجعًا مقلقًا بسبب الحرائق المتكررة وظاهرة التصحّر، في حين تواجه السواحل البحرية مشاكل التلوث والصيد الجائر، مما يهدد النظام البيئي والاقتصاد المحلي المرتبط به.

“إنها معركة من أجل البقاء؛ من أجل غاباتنا، ومياهنا، ومجتمعاتنا”، بهذه العبارة لخّص الوزير هاني التحديات، مشددًا على أن الجهود الحالية تهدف ليس فقط إلى الحماية، بل أيضًا إلى إعادة تأهيل المناطق المتضررة.

نظرة إلى المستقبل

يمثل هذا المرسوم نقطة انطلاق جديدة تعكس التزام الدولة اللبنانية بحماية بيئتها وثرواتها الطبيعية. ومع استعداد الحراس الجدد للانخراط في مهامهم الميدانية، يعلّق المواطنون والناشطون البيئيون آمالهم على هذه الخطوة، التي يأمل الجميع أن تكون بداية لمسار مستدام لحماية الطبيعة اللبنانية.

مجلة الحمى العدد الخامس

في هذا العدد من مجلة الحمى، ننسج معًا قصصًا ملهمة عن حماية الطبيعة وصمود المجتمعات، مسلطين الضوء على كيف يُعاد ترميم لبنان... حمى تلو الأخرى. تواصل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) مهمتها في الحفاظ على التراث الطبيعي للبلاد من خلال تمكين المجتمعات المحلية. ومن الركائز الأساسية لهذا الجهد مشروع BioConnect المموّل من الاتحاد الأوروبي، والذي حقق ثلاث سوابق وطنية: أول منتزه طبيعي في لبنان (المتن الأعلى)، وأول منتزه جيولوجي (الشوف – جزين)، وأول حمى وقفية (بتخنيه).

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

زائر نادر بين الأغصان: رصد طائر أبو منجل اللامع...

في ساعات الصباح الأولى، وبين اغصان الصنوبر البري التي تتمايل على وقع النسيم قرب مُستنقعات عمّيق شرق...

قرنايل تعلن غابتها العامة “حِمى”… خطوة نوعية في حماية...

في خطوة غير مسبوقة على صعيد حماية الطبيعة والتنمية المستدامة، اتخذت بلدية قرنايل قرارًا حاسمًا لحماية أغلى...
A tranquil path leads through a vibrant Hima site, where wildflowers bloom and cedar forests thrive under Lebanon’s summer skies. This landscape reflects the harmony between nature and community conservation. Photo Credit: Spyro Klitira

الاعتراف الرسمي بمواقع الحمى في لبنان ضمن قاعدة بيانات...

تعلن جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) بكل فخر عن إدراج 27 موقع حمى في مختلف أنحاء...