في قلب البقاع الغربي الأخضر، وبين التلال الهادئة والينابيع المتدفقة، وُلدت حِمى جديدة تُضاف إلى سجل لبنان الحافل بالمبادرات المجتمعية لحماية الطبيعة. فقد أعلن مركز حُماة الحِمى الدولي التابع لـ جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، وبإشراف مدير المركز وسيم الخطيب، عن إنشاء الحِمى رقم 39: حِمى صغبين، وذلك في إطار مشروع “بايو-كونيكت” المموّل من الاتحاد الأوروبي.
بهذا الإنجاز، يواصل لبنان مسيرته الرائدة في إحياء نموذج الحِمى التقليدي كآلية مجتمعية مستدامة تجمع بين الإنسان والطبيعة، وتعيد إحياء روح المسؤولية المشتركة في إدارة الموارد الطبيعية.
🌾 إحياء إرثٍ بيئيّ عريق
يُعدّ مفهوم الحِمى أحد أقدم أشكال الحماية البيئية في التراث العربي والإسلامي، حيث يقوم المجتمع المحلي بإدارة أراضيه بشكل جماعي لحماية التنوع البيولوجي وضمان الاستفادة المستدامة منها.
وقد نجحت جمعية SPNL في إحياء هذا المفهوم وتطويره ليواكب تحديات العصر، في نموذج يوازن بين حماية البيئة وتحسين سبل العيش.
وقال وسيم الخطيب، مدير مركز حُماة الحِمى الدولي:
“حِمى صغبين تجسّد رؤيتنا في إعادة ربط الناس بالطبيعة. إنها دعوة للتمكين، وللمسؤولية المشتركة، ولإحياء علاقة الانسجام بين الإنسان وأرضه.”
تمكين المرأة وتعزيز دور المجتمع
يرتكز إنشاء حِمى صغبين على إشراك المجتمع المحلي في إدارة موارده الطبيعية بمسؤولية، مع التركيز على تمكين النساء ودعم دورهن الاقتصادي والاجتماعي.
فمن خلال برامج تدريبية ومبادرات في السياحة البيئية والحِرف اليدوية والزراعة المستدامة، تسعى SPNL ومركز حُماة الحِمى الدولي إلى تعزيز مشاركة النساء في إدارة الموارد الطبيعية وتحسين مستوى المعيشة للعائلات الريفية.
وقالت إحدى المشاركات في المشروع:
“الحِمى ليست مجرد مساحة خضراء نحميها، بل هي مدرسة في التعاون والتكافل… هي مساحة تزدهر فيها الأرض وتكبر فيها أحلامنا.”
نحو استدامة واتصال بيئي أوسع
ضمن إطار مشروع الاتحاد الأوروبي “Bio-Connect”، تساهم حِمى صغبين في تعزيز الترابط البيئي بين المواطن والطبيعة، ودعم حركة الأنواع بين المناطق الحيوية، ما يسهم في حماية النظم البيئية وتحقيق التنمية المستدامة.
كما تأتي هذه الخطوة ضمن الرؤية الشاملة لجمعية SPNL في توسيع شبكة الحِمى في لبنان، وتعزيز التعاون بين البلديات والمجتمعات المحلية والشركاء الدوليين، انسجامًا مع أهداف التنوع البيولوجي العالمية واتفاقية كونمينغ – مونتريال (30×30).
خطوة جديدة للطبيعة والإنسان
يمثّل إعلان حِمى صغبين محطة جديدة في مسيرة لبنان لحماية تراثه الطبيعي والإنساني.
فهي ليست فقط مساحة للحماية، بل رمز أملٍ وتجددٍ يؤكد أن المجتمعات التي تحمي بيئتها تحمي مستقبلها أيضًا.
وفي رسالة مفتوحة من جمعية SPNL إلى المجتمع اللبناني، جاء فيها:
“كل حِمى جديدة نؤسسها هي وعدٌ بأن الطبيعة لا تزال قادرة على الشفاء… وأن الأمل يبدأ من الأرض.”
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.