بيروت – تدقّ جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) ناقوس الخطر بعد اكتشاف نسرٍ مرقطٍ صغير مصاب بجروح خطيرة خلال دورية لمكافحة الصيد الجائر شمال بيروت الأسبوع الماضي.
النسر الشاب الذي لم يكن قادرًا على الطيران نُقل فورًا إلى طبيب بيطري، حيث أظهرت الفحوصات وجود كرات معدنية من طلقات الصيد داخل جسده وكسر قديم في جناحه الأيمن. وبسبب خطورة إصاباته، اضطر الفريق إلى إنهاء معاناته عبر القتل الرحيم.
هذه الحادثة المأساوية ليست إلا واحدة من مئات الحالات المشابهة. ففي موسم الهجرة الحالي وحده، وثّقت فرق SPNL بالتعاون مع وحدة مكافحة الصيد الجائر التابعة لـ MESHC وبدعم من اللجنة الألمانية لمكافحة ذبح الطيور (CABS) ما مجموعه 265 طائر فريسة أُطلقت عليها النار بشكل غير قانوني في الممرات الجبلية اللبنانية.
“كل طائر نعثر عليه هو شاهد على جريمة بيئية كاملة الأركان”،
يقول أسعد سرحال، المدير العام لجمعية حماية الطبيعة في لبنان، مضيفًا:
“يمر لبنان عبر واحد من أهم مسارات الهجرة في العالم، ومع ذلك تُطلق النار على هذه النسور المهيبة بأعداد مروّعة. هذا القتل العبثي يهدّد التنوع البيولوجي ويشوّه صورة لبنان أمام المجتمع الدولي.”
يُعد النسر المرقط الصغير (Clanga pomarina) من أكثر الأنواع عرضة للخطر في لبنان، إذ يمر ما يقارب كامل تعداد هذا النوع عالميًا – والمقدّر بحوالي 60,000 طائر – عبر الأراضي اللبنانية مرتين في السنة خلال الهجرة.
وفي ظروف الطقس السيئ، عندما تضطر النسور للطيران على ارتفاع منخفض، يُقتل المئات منها في وقت قصير. ويقدّر الخبراء أن نحو 5٪ من إجمالي عدد هذا النوع في العالم يُفقد سنويًا بسبب الصيد غير المشروع في ممر الهجرة الشرقي.

يزداد الوضع سوءًا لأن هذا النوع من النسور يتكاثر ببطء شديد، ولا يمكنه تعويض خسائره على المدى القصير، إذ لا يبلغ سن التكاثر إلا في عمر أربع إلى خمس سنوات، ما يعني أن كثيرًا منها لا يعيش طويلًا بما يكفي للتكاثر. وتشير التقارير من مناطق التكاثر في أوروبا، وخاصة في ألمانيا حيث لا يتجاوز عدد الأزواج المتبقية 130، إلى هجر أعشاش بشكل غامض — وهو دليل واضح على أن الطيور لم تنجُ من رحلات الهجرة الطويلة والخطرة.
وتدعو جمعية SPNL السلطات اللبنانية إلى تعزيز تطبيق القوانين البيئية، وملاحقة مرتكبي جرائم الصيد الجائر، وضمان التنفيذ الصارم لقانون تنظيم الصيد. كما تناشد المواطنين التحلي بالمسؤولية والإبلاغ عن أي حوادث صيد غير قانوني للجهات المختصة.
“النسر المرقط الصغير رمزٌ للحرية والصمود،”
يضيف سرحال،
“وحمايته تعني حماية تراث لبنان الطبيعي وأداء واجبنا الأخلاقي تجاه البيئة التي ننتمي إليها.”
من خلال برنامج حماة الحِمى (Homat Al Hima) وشراكاتها مع الجهات البيئية الوطنية والدولية، تواصل SPNL جهودها الرائدة في مكافحة الصيد غير المشروع وحماية الطيور المهاجرة في لبنان والمنطقة.
📸 الصورة بعدسة: @cabs_reports







يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.