مدارس بلا جدران، حين تفتح الطبيعة أبوابها للجميع

في صباح هادئ في قلب شملان، كانت الطبيعة تستعد لاستقبال مجموعة من الزائرين الصغار ذوي الاحتياجات الخاصة. ضمن برنامج “مدارس بلا جدران – SNOW”، نظّمت جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL زيارة ميدانية إلى مؤسسة شملان الاجتماعية، بهدف دمج هؤلاء التلاميذ في أنشطة بيئية وتربوية تفتح أمامهم آفاقاً جديدة للتعلّم والتجربة.

السلحفاة البرية، سفيرة الطبيعة الهادئة

في ساحة المؤسسة، تجمع التلاميذ حول سلحفاة برية أصبحت مرشدتهم إلى عالم الطبيعة. تعرّف الأطفال على دورها المهم في الحفاظ على التوازن البيئي، وكيف تساهم في نثر بذور النباتات وتنقية التربة، إضافة إلى نمط حياتها وغذائها الذي يعتمد على الأعشاب والخضار والفواكه الطازجة.

كانت ملامح الفضول ترتسم على وجوه التلاميذ، فيما اكتشفوا أن التعلم يمكن أن يكون بسيطاً، وهادئاً، ومليئاً بالدهشة، تماماً كما تتحرك السلحفاة خطوة خطوة.

دمج يكرّم الإنسان والطبيعة

لم يقتصر النشاط على المعلومات العلمية، بل حمل رسالة إنسانية عميقة. فقد أكد فريق SPNL أن البيئة ملك للجميع، وأن الطبيعة تتسع للجميع دون تمييز. في ظل الأشجار وبين أصوات العصافير، شعر الأطفال بأنهم جزء من عالم أكبر يرحّب بهم مهما كانت احتياجاتهم أو اختلافاتهم.

هذا النشاط يجسد مفهوم الدمج الحقيقي والشامل، حيث يحظى كل طفل، بما فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، بفرص متساوية للتعلّم والتفاعل والاستمتاع بالطبيعة. وهو ما يعزز قيم المساواة والانتماء واحترام التنوع الإنساني والبيئي.

الطبيعة تزرع بذور الوعي

مع نهاية اليوم، عاد التلاميذ إلى مؤسستهم محمّلين بتجربة غنية، وابتسامات عريضة، وذكريات ستبقى طويلاً. ربما بدا النشاط بسيطاً، لكنه زرع بذوراً عميقة ستنمو مع الوقت، لتشكّل جيلاً أكثر وعياً، وأكثر ارتباطاً بالطبيعة، وأكثر تقبلاً للاختلاف.

في برنامج “مدارس بلا جدران”، لا يأتي التعلم من الصفوف وحدها، بل من الأرض والهواء والكائنات التي نتشارك معها هذا الكوكب. وهذه هي الرسالة الأجمل، أن الطبيعة هي المدرسة الكبرى، وأن أبوابها مفتوحة للجميع، بلا جدران، وبلا قيود، وبلا استثناءات.

مجلة الحمى العدد السادس

أصدرت جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) العدد السادس من مجلة "الحمى"، والذي يركّز على المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) المزمع عقده في أبوظبي بين 8 و15 تشرين الأول 2025، حيث ستشارك الجمعية في أربع جلسات رئيسية. يتضمّن هذا العدد مقابلة حصرية مع رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، رزان المبارك، التي شدّدت على أهمية مواءمة عمل الاتحاد مع الأجندات العالمية للتنوّع البيولوجي، وتعزيز الحوكمة والاستجابة لاحتياجات الأعضاء، وتفعيل الانخراط المتعدد الأطراف، وضمان الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا، ورفع أصوات المجتمعات المتنوعة في مسيرة حماية الطبيعة.

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

من التوعية إلى الشراكة، كيف تتحوّل مكافحة الصيد الجائر...

في قلب البقاع الشمالي، حيث تتقاطع الطبيعة مع نمط عيش المجتمعات المحلية، احتضن اتحاد بلديات دير الأحمر...

حين تلتقي الحكمة القديمة بسرد القصص القصيرة كيف قدّم...

في عالم رقمي تحكمه السرعة ويقاس فيه النجاح بعدد الثواني، ينجح بعض المحتوى في إيقاف التمرير وإجبارنا...
By Bilal Alaouiyeh, Remote Sensing and GIS Expert, Specialist in Spatial Environmental Governance and Biodiversity Mapping.

الحِمى في الذاكرة المكانية للبنان

قراءة الماضي من خلال الخرائط الطبوغرافية في ستينيات القرن الماضي وإعادة اكتشاف مشاهد الحماية التقليدية بقلمبلال علويّهخبير في...