تعرب جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) عن بالغ قلقها إزاء أعمال التدمير والعنف المتجددة في الموقع الساحلي لبلدة عمشيت، المُطل على كهف فقمة الراهب، الذي يُعد ملجأً طبيعيًا نادرًا للفقمة المتوسطية (Monachus monachus)، إحدى أكثر الثدييات البحرية المهددة بالانقراض في العالم.
رغم صدور قرار رسمي عن وزارة البيئة يقضي بتعليق الأعمال في العقار رقم 345، وطلبها إعداد دراسة تقييم الأثر البيئي الكاملة بموجب المرسوم 8633/2012، فقد استؤنفت أعمال البناء والحفر بشكل غير قانوني. إن هذا التحدي الصريح لا يشكّل خرقًا فادحًا للقانون البيئي فحسب، بل يُهدّد أيضًا أحد آخر المواطن المعروفة لفقمة الراهب في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وقد تفاقم الوضع يوم الخميس 23 تشرين الأول/أكتوبر 2025، حين تعرّض ناشطان بيئيّان لاعتداء خلال احتجاج سلمي. ويُعد هذا الانتهاك الخطير انعكاسًا مقلقًا لانقلاب موازين العدالة، حيث يُعامل المدافعون عن التراث الطبيعي للبنان كمجرمين، ما يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب وغياب الجدية في حماية البيئة.
قال أسعد سرحال، المدير العام لجمعية SPNL:
“هذه ليست مجرد قضية محلية — إنها اختبار وطني لإرادة الدولة واحترام القانون. فإذا عجز القانون عن حماية آخر مواطن الأنواع المهددة، فنحن لا نفقد التنوع البيولوجي فقط، بل نفقد بوصلتنا الأخلاقية أيضًا. نطالب بالإعلان الفوري لساحل عمشيت حِمى بحرية — أي محمية بحرية تُدار مجتمعيًا وفق النموذج التقليدي اللبناني للوصاية البيئية.”
لطالما اعترف العلماء والمنظمات البيئية بأهمية كهف فقمة الراهب في عمشيت كموقع حيوي لبقاء هذا النوع النادر. وتُصنّف الفقمة المتوسطية من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) كنوع “مُعرّض لخطر الانقراض بدرجة قصوى”، حيث لا يتبقى منها سوى أقل من 800 فرد على مستوى العالم. وتشكل الكهوف الساحلية في لبنان، بما في ذلك كهف عمشيت، جزءًا أساسيًا من جهود الحفاظ على هذه الفصيلة.
وتذكّر SPNL بأن مجلس شورى الدولة علّق رخصة البناء في 14 آذار/مارس 2024، لكنه رفض الطعن لاحقًا لأسباب إجرائية — وهو قرار لا يُضفي شرعية على المشروع في منطقة بيئية شديدة الحساسية.
وفي هذا السياق، تؤكد SPNL تضامنها الكامل مع المدافعين عن البيئة الذين يُخاطرون بسلامتهم لحماية النظم البيئية الساحلية في لبنان، وتُطالب باتخاذ الإجراءات التالية بشكل فوري:
مطالب SPNL العاجلة:
-
الوقف الفوري لجميع أعمال البناء والحفر فوق كهف فقمة الراهب، تماشيًا مع قرار وزارة البيئة.
-
مساءلة جنائية لكل من انتهك قرار التعليق واعتدى على ناشطي البيئة.
-
الإعلان الرسمي عن الموقع كـ”حِمى بحرية”، بالتعاون مع بلدية عمشيت، لضمان حماية مجتمعية طويلة الأمد.
-
إرسال بعثة علمية مستقلة بإشراف مشترك من وزارتي البيئة والثقافة، لتقييم الأضرار التي لحقت بالكهف والنظام البيئي المحيط.
-
ضمان الحماية للمدافعين عن البيئة والصحفيين الذين يغطّون الجرائم البيئية.
وأضاف سرحال:
“لا يمكننا الاستمرار في استخدام الإفلات من العقاب كأداة لتدمير التراث الطبيعي في لبنان. إن إعلان كهف فقمة الراهب في عمشيت كـ‘حِمى بحرية’ هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة للطبيعة وضمان سلامة من يدافعون عنها.”
وتدعو SPNL جميع وسائل الإعلام، وشركاء المجتمع المدني، والجمهور اللبناني إلى الوقوف صفًا واحدًا مع المدافعين عن البيئة، والمطالبة بتطبيق القانون — لا ضدهم، بل من أجلهم.






