معاً من أجل أول منتزه طبيعي في لبنان

لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ

قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا

عنترة بن شداد (525-608م) فارس عربي نجدي من شعراء المعلّقات

 بقلم أسعد سرحال (مجلة الحمى العدد الخامس)

أكتب اليوم بإحساس عميق بالأمل والإصرار، ونحن نطوي صفحة جديدة ومشرقة من مسيرة لبنان في حماية بيئته.

الميثاق الذي تم توقيعه بين وزارة البيئة والائتلاف الذي نضمّه، مع شركائنا الوطنيين والدوليين، هو أكثر من مجرد اتفاق. إنه إعلان نوايا جماعي لحماية، استعادة، وإعادة تصور علاقتنا بالتراث الطبيعي في لبنان. ولأول مرة، نقف على أعتاب تحقيق حلم لطالما راودنا: إنشاء أول منتزه طبيعي في لبنان.

وفقاً لقانون المناطق المحمية، يعترف لبنان بأربع فئات من هذه المناطق:

  • المحمية الطبيعية

  • الحمى: نموذجنا المتجذّر في الإرث المحلي للحفاظ على الطبيعة بقيادة المجتمع

  • المنتزه الطبيعي: محور مهمتنا الحالية

  • الموقع أو المعلم الطبيعي

ومن بين هذه الفئات، تبقى المنتزهات الطبيعية وحدها دون تنفيذ فعلي – حتى اليوم.

الميثاق ليس مجرد التزام بيئي؛ بل هو وعد لأجيال لبنان القادمة. إنه نقطة انطلاق نحو إقامة منتزهات طبيعية تحضن الناس والطبيعة معاً، وتحقق التوازن بين حماية البيئة، والتنمية المستدامة، والمعارف التقليدية، والمشاركة المجتمعية.

إن الطريق أمامنا طموح، ويتطلب استكمال الإجراءات القانونية، من خلال إصدار المراسيم التطبيقية من وزارة الداخلية، والمصادقة النهائية من مجلس الوزراء. ولكن، بقيادتكم يا معالي الوزيرة الدكتورة تمارا الزين، وبالإرادة الجماعية لشركائنا والمجتمع المدني، نؤمن أن هذا الهدف أصبح في متناول اليد – هذا العام بالذات.

نحن في جمعية حماية الطبيعة في لبنان، وبالتحالف مع:
BirdLife International، الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، مؤسسة هانز ولسدورف (HWF)، مؤسسة سيغريد راوزنغ تراست (SRT)، وصندوق الحمى، إلى جانب شركائنا المحليين: فريق محمية الشوف المحيط الحيوي، جمعية أرز الشوف، جمعية تنمية القدرات الريفية، جمعية المجتمع والبيئة، التجمع اللبناني للبيئة، جمعية المتن الأعلى للبيئة والتنمية، بلدية رأس المتن، وبلديات 34 قرية أنشئت فيها الحمى – نضع كل إمكاناتنا التقنية والسياسية والشعبية في خدمة هذا الهدف.

هذا الإنجاز لن يكون خطوة محلية فحسب، بل مساهمة فعلية في تحقيق هدف 30×30 العالمي للتنوع البيولوجي: حماية 30% من الأراضي والبحار بحلول عام 2030.

الأمر لا يتعلق بإنشاء منتزه جديد فقط، بل بصياغة نموذج ريادي جديد للإدارة البيئية في الشرق الأوسط – نموذج يقوم على اللامركزية، والإشراف المجتمعي، والقيم الثقافية، والمرونة في وجه الأزمات.

من هنا، نناشد معالي وزيرة البيئة أن تحمل راية هذه المبادرة الرائدة، لتكون إرثاً يُلهم الأجيال، ويُعيد للبنان صورته ومكانته على الساحة الدولية، ويؤكد أن التعاون بين القطاعات والجهات قادر على صنع الفارق.

فلنكن نحن الجيل الذي لم يكتفِ بالحلم – بل أنجز.
معاً من أجل أول منتزه طبيعي في لبنان.

نأمل ان تستمتعوا بقراءة هذا العدد

Al-Hima-Magazine-Issue-No.-5

ما هو الحمى؟

الحمى نظام تقليدي لإدارة الموارد الطبيعية اتبع منذ ما يزيد على 1400 عام في شبه الجزيرة العربية. وهو أقدم المؤسسات التقليدية لحماية الموارد الطبيعية وأوسعها انتشاراً في الشرق الأوسط، بل ربما على الأرض. وكلمة «حمى» العربية تعني حرفياً «مكاناً محمياً» أو مصاناً. وكان قبل الإسلام يحرّم الدخول إليه بقرار من الفرد أو الجماعة التي تملكه. وفي وقت لاحق، تطور معنى الكلمة ليشير إلى مرعى محفوظ، أي قطعة أرض تحفظ بشكل موسمي دون استعمالها لإتاحة أن تجدّد حيويتها.


جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)

الهيئة الإدارية

الرئيس: عفاف عسيران

المدير العام: أسعد سرحال

أمين الصندوق: علية ناصر

أمين السر: خالد سعيدي

أعضاء: شوقي سعيدي

ابراهيم سعيدي، لين كرباج 


جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) هي إحدى أقدم المنظمات غير الحكومية البيئية في البلاد. تأسست عام 1983 ونالت ترخيص وزارة الداخلية بقرار رقم 6 تاريخ 1986/1/8. وهي الشريك الوطني لمنظمة BirdLife International، وعضو في الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة (IUCN)، وعضو في المجلس الأعلى للصيد البري في لبنان كممثل للجمعيات الأهلية.

تعمل SPNL منذ تأسيسها على إنشاء مناطق محمية بالتعاون مع الوزارات المختصة. وهي تركز الآن على إحياء نهج الحِمى القائم على انخراط المجتمع المحلي في حماية الطبيعة والموارد والتنوع البيولوجي، والذي كان سائداً في المنطقة العربية لأكثر من 1500 عام، من خلال دمج المعارف والممارسات التقليدية مع البحث العلمي العصري. وقد تم حتى الآن تأسيس 34 حمى في أنحاء لبنان بالتعاون مع البلديات.

مجلة الحمى العدد الخامس

في هذا العدد من مجلة الحمى، ننسج معًا قصصًا ملهمة عن حماية الطبيعة وصمود المجتمعات، مسلطين الضوء على كيف يُعاد ترميم لبنان... حمى تلو الأخرى. تواصل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) مهمتها في الحفاظ على التراث الطبيعي للبلاد من خلال تمكين المجتمعات المحلية. ومن الركائز الأساسية لهذا الجهد مشروع BioConnect المموّل من الاتحاد الأوروبي، والذي حقق ثلاث سوابق وطنية: أول منتزه طبيعي في لبنان (المتن الأعلى)، وأول منتزه جيولوجي (الشوف – جزين)، وأول حمى وقفية (بتخنيه).

اقرأ الأعدادَ السابقة

spot_img
spot_img

تصفح المزيد

من أرضنا تبدأ الحكاية… ومع الزراعة يستمر النبض

لطالما كانت الأراضي الزراعية في لبنان شاهدةً صامتةً على صمودنا، ومهدًا لحكايتنا، وشريان حياة لمجتمعاتنا الريفية. واليوم،...

إحياء حمّانا — كيف تُعيد قرية لبنانية الحياة إلى...

في التلال الواقعة فوق بيروت، حيث تتمايل أشجار الصنوبر برفق وتحفظ الأرض في كل حجر ذكرى، تشهد...

جمعية حماية الطبيعة في لبنان تشيد بمجلة ناشيونال جيوغرافيك...

تُثني جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) على الدور الريادي الذي تلعبه مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية في...