يكشف تقرير دولي جديد أن لبنان لا يزال بعيدًا بشكل كبير عن تحقيق التزامه بخفض عمليات قتل الطيور غير القانونية (IKB) بحلول عام 2030، رغم الوعود السابقة والخطوات المحدودة التي اتُخذت في مجال الحفاظ على البيئة. ويحمل التقرير عنوان “القتل 3.0: التقدم في القضاء على قتل الطيور غير القانوني في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا”، وهو صادر عن منظمتي BirdLife International وEuroNatur، ويُسلّط الضوء على أن لبنان من بين الدول التي تسجّل مستويات مرتفعة ومستمرّة من قتل الطيور بشكل غير قانوني.
مع تقديرات تشير إلى مقتل نحو 2.6 مليون طائر بشكل غير قانوني سنويًا، يُصنّف لبنان ضمن الفئة الأعلى من حيث خطورة قتل الطيور غير القانوني (الفئة الأولى – Class I). ولم تُسجّل أي تحسّن ملموس في الوضع منذ عام 2015، سواء على المدى الطويل أو القصير.
ورغم أن لبنان اتخذ خطوات أولية في هذا المجال، من خلال تأسيس لجنة وطنية عام 2017 واعتماد خطة عمل لمدة خمس سنوات بقيادة جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL)، إلا أن هذه اللجنة لم تعد نشطة، ولم تُقدَّم أي بيانات رسمية محدثة منذ عام 2018. ويُشير التقرير إلى أن الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان ونقص الوقود قد ساهما في زيادة الاعتماد على وسائل صيد غير قانونية ورخيصة مثل الشباك الضبابية والفخاخ اللاصقة، إلى جانب الحدّ من قدرة فرق المراقبة على التنقل وممارسة دورها بفعالية.
ومع ذلك، لا تزال هناك بوادر تقدّم. فقد امتنع وزير البيئة عن فتح موسم الصيد لثلاث سنوات متتالية، في خطوة تعبّر عن توجه واضح نحو حماية الحياة البرية. وتواصل جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) لعب دور محوري في حملات التوعية والانخراط المجتمعي، مع التأكيد على أهمية الصيد الأخلاقي وتقديم بدائل عن فخاخ الطيور.
ومن بين التوصيات المقترحة للبنان:
-
تدريب الجهات الأمنية على التعرّف إلى أنواع الطيور والتعامل مع قضايا الجرائم البيئية؛
-
إعادة تفعيل التعاون بين الوزارات المعنية، مثل البيئة والداخلية والجمارك، لضمان تنفيذ مشترك وفعّال؛
-
دعم مصادر الدخل والهوايات البديلة في المناطق الريفية؛
-
تعزيز التوعية البيئية والتعليم العام حول أهمية حماية الطيور والتنوع البيولوجي.
- يوجّه التقرير رسالة واضحة: ما لم تُتّخذ إجراءات عاجلة ومنسّقة، فإن لبنان يواجه خطر تفاقم الأضرار التي تلحق بطيوره البرية وسمعته الدولية. ويدعو المعنيون بحماية الطبيعة السلطات اللبنانية إلى إعادة تفعيل اللجنة الوطنية لمكافحة قتل الطيور غير القانوني، وتجديد التزامها بالتعهّدات الدولية بموجب اتفاقية برن وخطة روما الاستراتيجية التابعة لاتفاقية الأنواع المهاجرة (CMS).
تراجعت أعداد الطيور بشكل صادم خلال العقود الأخيرة. وتُعد الاستغلال المفرط، بما في ذلك قتل الطيور غير القانوني (IKB)، من أبرز الأسباب التي تقود إلى انقراض الطيور على مستوى العالم، ولا يسبقه في ذلك سوى فقدان المواطن الطبيعية. ففي كل عام، تُقتل ملايين الطيور بصورة غير قانونية من خلال الصيد أو الفخاخ أو التسميم في أنحاء أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، مما يُقوّض الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الأنواع على امتداد مسارات هجرتها.
وإدراكًا لحجم هذه الأزمة، تعهّدت الحكومات باتخاذ إجراءات منسّقة بموجب اتفاقية برن وخطة روما الاستراتيجية لاتفاقية الأنواع المهاجرة (CMS) للفترة 2020–2030. ومع تبقّي خمس سنوات فقط لتحقيق الهدف المتمثل في تقليص معدل قتل الطيور غير القانوني إلى النصف بحلول عام 2030، تُظهر البيانات تأخّرًا كبيرًا في التنفيذ. وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن خسائر فادحة في أعداد الطيور ستكون حتمية، وقد تختفي بعض الأنواع إلى الأبد.