سيريل ديواليين – نائب رئيس قسم التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان (مجلة الحمى العدد الخامس)
لطالما كان الاتحاد الأوروبي شريكاً ملتزماً بحماية الثقافة البيئية في لبنان، داعماً المبادرات الشعبية وإصلاحات السياسات الوطنية. وهو منذ عقود في حوار قوي وبنّاء مع وزارة البيئة حول السياسات البيئية.
في جميع أنحاء البلاد، يُساهم الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على الغابات، وإحياء ممارسات الحمى، وصون التنوع البيولوجي، وتعزيز المناطق البحرية المحمية. وذلك ليس فقط من خلال التمويل، ولكن أيضاً من خلال تعزيز الحوكمة البيئية، وإشراك المجتمعات المحلية، ودعم وضع السياسات البيئية القائمة على الأدلة.
ومن المبادرات في هذا الصدد مشروع BioConnect بقيمة 4.5 مليون يورو، الذي تنفذه جمعية أرز الشوف مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) وجمعية تنمية القدرات الريفية (ADR) وجمعية المجتمع والبيئة (ACE). يُركز هذا المشروع على المواقع ذات الأهمية البيئية في جنوب لبنان، ويدعم الإدارة الفعالة للمحميات الطبيعية القائمة والحمى، كما يدعم إنشاء مناطق محمية جديدة. وهو يعزز الاستدامة الطويلة الأجل من خلال إشراك المجتمعات المحلية والمزارعين والنساء والشباب، وبناء آليات حوكمة تعطي الأولوية للسلامة البيئية إلى جانب الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية. ويعاد تأهيل الأراضي الزراعية المهجورة لاستخدامها بالطرق المستدامة من قبل المزارعين. وقد تم تأسيس العديد من الحمى بقرارات بلدية ودعم كامل من SPNL وصولاً إلى أول منتزه طبيعي في لبنان (المتن الأعلى). وتدعم ADR محمية شاطئ صور الطبيعية من خلال مبادرات مثل التسييج وتركيب اللافتات الإرشادية والحفاظ على موائل السلاحف البحرية. وتعمل ACE وتروّج لإنشاء أول منتزه جيولوجي في لبنان (الشوف – جزين).
في موازاة ذلك، استثمر الاتحاد الأوروبي بتعزيز صوت المجتمع المدني في تشكيل سياسة حماية البيئة البحرية. هذا المشروع، بقيمة 500,000 يورو وبقيادة التجمع اللبناني للبيئة (LEF)، يساعد في تمكين الجهات الفاعلة غير الحكومية من قيادة حملة قائمة على الأدلة لإنشاء شبكة وطنية للمناطق البحرية المحمية. ومن خلال تعزيز البيانات العلمية من جامعة البلمند وأدوات المناصرة والتأييد، يُتيح المشروع للجهات الفاعلة بيئياً أن تلعب دوراً أكثر تأثيراً في صنع السياسات الوطنية، وهو أمر بالغ الأهمية لحماية التنوع البيولوجي البحري في لبنان.
ومن الخطوات المهمة الأخرى مشروع CESNA-LB الذي نفذته جمعية Terre Liban بدعم من الاتحاد الأوروبي قدره 500,000 يورو. وقدم هذا المشروع، الذي يركز على صون المناطق الوطنية الحساسة بيئياً، مساهمة كبيرة في صياغة قانون وطني لحماية الجبال العالية والمناطق الحساسة إيكولوجياً. ويمثل هذا إنجازاً أساسياً من أجل دمج حماية التنوع البيولوجي في الإطار التشريعي اللبناني.
على المستوى الإقليمي، يؤدي برنامج Interreg NEXT MED الممول من الاتحاد الأوروبي دوراً تحويلياً، لا سيما هذا العام، حيث نجح العديد من المنظمات اللبنانية في تأمين مشاريع تعزز التعاون عبر الحدود مع العديد من دول البحر المتوسط مثل إسبانيا وتونس والأردن وإيطاليا. وتشمل الأولويات الحيوية التحول الأخضر، والتكيف مع المناخ، والإدارة المستدامة للمياه، وتحييد الكربون لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، والابتكار الأخضر، ومهارات التكيف مع تغير المناخ، وتكيف النظم الصحية مع تغير المناخ، والحوكمة الشاملة من أجل تنفيذ فعال للسياسات المناخية. ويتميز هذا البرنامج بنطاق شامل، إذ لا يستهدف المنظمات غير الحكومية فحسب، بل أيضاً المؤسسات العامة المحلية والمركزية، والقطاع الخاص، ومراكز البحوث، والجامعات، مما يتيح نهجاً شاملاً للتحول البيئي في لبنان وخارجه.
من إحياء الحمى والغابات المستدامة، إلى تشريعات الحفظ الحديثة وإصلاحات السياسات البحرية، يبقى التزام الاتحاد الأوروبي بحماية الطبيعة متلازماً مع مرونة المجتمعات المحلية والفرص الاقتصادية المستدامة. ومع نمو هذه المشاريع واستمرار إلهامها بالتغيير، ستكون أمثلة قوية على ما يمكن تحقيقه من خلال الشراكة والالتزام والملكية والمسؤولية المشتركة.